بقلم: بنان البصري
يوم غدير خم أو عيد الغدير، هو يوم 18 ذو الحجة من سنة 10 هـ، يعتبر أحد أعياد المسلمين, والذي خطب فيه النبي محمد خطبة ذَكَرَ من فضل علي بن أبي طالب وأمانته وعدله وقربه إليه, ونصب فيه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خليفة ومرجعاً للأمّة من بعده ( صلَّى الله عليه وآله ) ، وذلك في أثناء عودة المسلمين من حجة الوداع إلى المدينة المنورة في مكان يُسمى بـ "غدير خم" قريب من الجحفة تحت شجرة هناك, ويقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (فان الله قد نصبه لكم وليا واماما وفرض طاعته على كل احد. ماض حكمه, جائز قوله, ملعون من خالفه, مرحوم من صدقه, اسمعوا له واطيعوا, فان الله مولاكم وعلي امامكم ...)
فنزلت آية الإكمال و هي: ﴿ ...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...) وهذه الآية لدليل واضح على أن اكتمال أهداف الرسالة و ضمان عدم وقوع انحرافٍ أو فراغٍ تشريعي أو قيادي أو سياسي بعد الرسول (عليه السلام)، إنما يتحقق في حالة استمرارية القيادة المنصوبة و المنصوص عليها من قبل الله ..
والمخطط الإلهي للحياة البشرية مخطط حكيم و كامل و لا يمكن أن يهمل مسالة قيادة الأمة الإسلامية بعد الرسول او بعد غيبتا حفيده المنتظر (عليهما السلام) الصغرى والكبرى بدون تخطيط أو يترك الأمة من غير راعٍ و ولي، و هذا مما يدفع بالأمة إلى الانزلاق نحو هاوية الفتن والصراعات والتناقضات، و يكون سبباً لإهدار أتعاب الرسالة، و هو ما لا يقبله العقل السليم و لا يصدقه الشرع طبعاً...
فأخذ المعصوم (عليه السلام) في التأسيس للعهد الجديد, تبسط المشروعية والعملانية في تدبير وإدارة أمور المسلمين والمؤمنين في وقت الغيبة الصغرى ( عهد السفراء أو النيابة الخاصة), وبعد نجاح منظومة النيابة الخاصة في أداء مهامها الشرعية والعقدية في فترة الغيبة الصغرى للإمام المهدي بدأ العمل بمنهجية ومنظومة النيابة العامة الثانوية عن مقام الإمام المهدي (عليه السلام), في غيبته الكبرى كحل إستثنائي مؤقّت يصب في صالح وصلاح الأمة في وقت الغيبة الكبرى, لذا نجد الإمام العسكري كان قد أسس لهذا المُرتكز الأصيل في حديثه الشريف والشهير والذي نصه ما يلي:
" فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا لهواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه "
وإنما جاء هذا التأسيس كتمهيد وإعداد للأمة والقاعدة الصالحة ولجعلها قادرة على التكيف مع المرحلة الجديدة لتكون مؤهلة نفسيا وعمليا للتعاطي مع فروضات الغيبة الكبرى للإمام المهدي, وكذلك الإمام المهدي (عليه السلام) قد صنع مثل ما أسس أبوه الإمام العسكري في بناء المنظومة الجديدة في عهد الغيبة الكبرى لشخصه الشريف من تدريب المؤمنين على ضرورة تفهم وضع المعصوم في حال عدم قدرتهم على الإتصال به والرجوع إلى النواب العامين وبالشروط التي ذكرها الإمام العسكري (عليه السلام) والتي تُشابه اليوم في عصرنا هذا عصر الغيبة الكبرى (شرائط المجتهد المؤهل للتقليد والجامع للفقاهة والعدالة والإيمان وطاهرة مولده والأعلمية وغيرها من الضوابط الشرعية والأخلاقية) ... حيث قال عليه السلام : في توقيعه الشريف: ( أما الحوادث الواقعة فإرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) ... فالمقصود بالنائب العام : هو الفقيه العادل الجامع للشرائط الذي يقوم مقام الإمام (سلام الله عليه) في تبليغ أحكام الدين وفي إدارة شؤون المسلمين وحفظ بيضة الإسلام , والذي يستند إلى مصادر التشريع المتعارفة ، مصادر الإستنباط (القرآن الكريم, والسنة, والإجماع والعقل ), وهذا النائب نستطيع تمييزه عن غيره بآثاره ومؤلفاته وبحوثه الأصولية والفقهية العالية .
وهذه الأمور والصفات أجتمعت في شخص سماحة السيد الصرخي الحسني (دام ظله) دون سواه, والأمة تعيش في زمن الغيبة الكبرى والتي هي مرحلة فتن وابتلاء وامتحان مرحلة غياب القائد المعصوم (عليه السلام) عنها, كان لابد ان ترتبط بالقيادة الأسلامية المتمثلة (بالمرجع الجامع للشرائط ) وتتفاعل معها, من أجل تحقيق حكم الله في الأرض ، كل الأرض وهذا منوط بظهور الإمام القائد ، ومرتبط بتحقيق الظروف الموضوعية خارجاً لظهور الإمام القائد ، فمتى تحققت الظروف الموضوعية لظهور الإمام وإذن الله تعالى للإمام بظهوره ، يبدأ الإمام القائد عمليته التغييرية والشاملة.. والظروف الموضوعية هي وجود العدد الكافي من الأمة مرتبطة إرتباطاً روحياً ومتفاعلة مع المرجع الجامع للشرائط في الغيبة الكبرى ليكونوا جنودا للقائد في عمليته التغييرية ، وتهيؤ البشرية لقبول الإسلام ورفض الأنظمة الوضعية بحضارتها .
وها نحن نعيش فرحة عيد الغدير الأغر الذي أسس هذه المنهجية الصالحة بإتباع (القيادة الحقة الحقيقية), ولأسباب دينية - موضوعية ولأهداف إنسانية ولغايات وطنية نجدد عهدنا وميثاقنا ومبايعتنا الشريفة للإمام علي ولحفيده المنتظر (عليهما السلام), ونائبهم بالحق السيد الحسني (دام ظله) .. بأن نكون ممن يسعى نحو أيجاد الظروف الموضوعية لظهور الإمام القائد (عجل الله فرجه), بالانقياد لهذه القيادة الإسلامية الحكيمة والارتباط بها بزمن الغيبة الكبرى والتي هي جزء من الدين ومقدمة تهيء النفوس والأذهان للظهور المقدس .. فلنعلنها صرخة مدوية لا بيعة لنا بعد بيعة الله تعالى والمعصومين (عليهم السلام) إلا للمرجع الجامع للشرائط ..
لبيك لبيك .. يا قائد
لبيك لبيك ... يانائب المعصوم
لبيك لبيك .. يامرجع ( جامعاً للشرائط )
لبيك لبيك ... ياداعي الحق .
فهل من مبايـــــــــــع ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق